‏ كواليس مشاركتي في العباقرة جامعات …
محاولة لتحديد الأولويات

كتابة : روان إدريس

الإنجاز ثم الإنجاز

أثناء الترم الآخير من دراستي الجامعية ‏كنت قد قررت أن أحيا حياة الطالبة النحلة فائقة النشاط والانشغال والانجاز معاً، كنت قد انضممت لاتحاد طلاب كليتي كلية الهندسة بالإضافة لعملي التطوعي في الفرع الطلابي للمعهد الأمريكي للخرسانة، مع ممارسة منتظمة للرياضة بعد انقطاع، ودورة في مجالي للاستفادة منها في مشروع تخرجي جنباً إلي جنب مع الاستعداد للحياة المهنية، ولا ننسى بالطبع دوري المرحلي الأهم كطالبة في السنة الجامعية الأخيرة، وبين هذا وذاك كنت أكافح سعياً لعدم إهلاك جسدي وحفاظاً على قدر مقبول من الترفيه.

ملحوظة: لم يتحقق هدفي الكفاح.

‏كان شبح الإنجاز ‏يطاردني ويدفعني لتعويض ما فاتني أو ما ظننته فاتني حينها وأنا منهمكة في جانب من جوانب حياتي على حساب جوانب أخرى.

 

خلفيتي عن البرنامج و مرحلة التقديم

وسط هذه المعمعة لاحت فرصة الاشتراك في البرنامج في الأفق، ووفاءً لعهد قطعته على نفسي لاقتناص أي فرصة حقيقية  صالحة لي، قدمت في تصفيات جامعتي، شجعني على هذا حبي للبرنامج واكنان عميق التقدير والاحترام لمقدمه عصام يوسف، الذي أعجبت كثيراً بروايتيه ربع جرام واتنين ظباط، ورغم كوني عدم متابعة جيدة للبرنامج إلا أني كنت أشاهده كلما سنحت لي الفرصة فقط، وأذكر جيداً أني دعوت الله مرة عرضًا أن يرزقني الاشتراك به ولم أتخيل يوماً أن يصير دعائي واقع والله على ما يشاء قدير.

 

المهم عودةً لمرجوعنا، قدمت في التصفيات ونجحت بها مما شكل مفاجأة وصدمة لي في وقت واحد، فلم أكن أرى نفسي بجديرة على ذلك ولا قادرة على المنافسة بقوة في مضمار السباق لكأس العباقرة، مثلما حدث لاحقاً ولله الفضل والمنه، فضلاً عن الانضمام لمجتمع ثقافي راق ومحترم ومعرفة شخصية بالرائع عصام يوسف التي سعدت بها.

إدارة الأولويات أصبحت ضرورة

أما عن إدارة الأولوية التي اضطررت لها حينها، فلم أكن أعيرها انتباهاً قبل ذلك، أو أعطيها قدرها، فكانت تلك الفترة هي بداية معرفتى الحقيقية بها، قررت أن أضحي بشئ أو اثنين، صاروا أربع في النهاية، لأوفر الوقت والجهد اللازمين للاشتراك في البرنامج، بالطبع الرياضة  كانت أول ما ضحيت به تليها الدورة ولا عزاء لأموالي التي ذهبت سوداً.

 

لحقهما اتحاد الطلاب والعمل التطوعي، ها قد حان موعد اعتزالي، أبكر بثلاثة أشهر عن ما توقعت ولكن بسيطة، كان سيأتي هذا اليوم قريباً على أية حال.

 

بعدها كان شغلي الشاغل هو الاستعداد للبرنامج وإعداد العدة للمشاركة متسلحةً بتاريخ من القراءة يمتد لثلاثة عشر عاماً، مع محاولة إضافة ما تيسر من المعلومات وخاصة العامة منها أو الواقعة خارجة دائرة اهتماماتي.

 

التعب لا مفر منه

ورغم التضحيات المذكورة أنفاً لوضع أولويات المرحلة الصحيحة موضع التنفيذ، لم أُعفَى من قلة النوم والضغط العصبي والبدني الذي كانت تُزيده رحلاتي المتكررة بين القاهرة والاسكندرية، خاصة مع التعارض الحادث أحيانًا بين مواعيد تصوير البرنامج ومواعيد عرض مشروع لي أو بحث أو تسليم لوحات هندسية، ولولا تفهم الكثير من زملائي وأساتذتي لم أكن قادرة على المشاركة في البرنامج أو كنت سأضطر لإعادة الترم في سبيل هذا.

 

ولست نادمة على هذا التعب مثقال ذرة فقد كان كلا الهدفين يستحق حقاً، المشاركة في البرنامج وتخرجي في موعدي المحدد، مع كون أن حينها لم يكن موسم الأصحاب قد وُجِد فتخرجي يعني انقطاع كل سبل المشاركة في البرنامج بالنسبة لي.

لا يوجد حل سحري

والآن وبعد مضي قرابة العامين على هذا، مازالت معضلة تحديد الأولويات والالتزام بها تؤرقني، والأسئلة الوجودية معدومة الإجابات النموذجية من عينة، ما الجدير بالتأجيل المُتأثر قليلاً به ؟ ما الأنفع لحاضري ومستقبلي؟ ما الذي سأندم على عدم فعله عند بلوغي الستين؟

 

أسئلة كثيرة وحيرة أكبر استعين في التغلب عليها بقراءة كتب عن كيفية تحديد الأولويات والرؤى والأهداف في الحياة وأجبر نفسي على الالتزام بها، وصدقاً هي مفيدة ولكنها غير قادرة على تسكين الجزء الطامع بداخلي الراغب في اكتناز كل معارف العالم وخوض كل تجاربه واستيعابه كله بين جنبات صدري، ولكن هيهات فليس لأنس أو جن القدرة على هذا…

 

وما تزال رحلة تحديد الأولويات والالتزام بها وإهمال ما سواها قائمة…

للمزيد من المقالات :